علي كاظم درجال الربيعي
عدد المساهمات : 1092
تاريخ التسجيل : 07/10/2011
العمر : 74
 | موضوع: سلمان المنكوب / عبد الكريم الوائلي  الإثنين أبريل 16, 2012 7:52 pm | |
| سلمان المنكوب / عبد الكريم الوائلي
----------------------------
قضاءُ المجر الكبير التابع لمحافظة العمارة قضاء عريق.وقد أخرج هذا القضاء نخبة طيبة من الوزراء والشعراء والادباء والكتاب والملحنين والمطربين. فمن الوزراء وزير البلديات الحالي عادل مهودرراضي ونائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي والدكتور عبد الامير رحيمة العبود وزير الزراعة السابق وعبد الكريم لعيبي وزير النفط وغيرهم ، ومن الفنانين التشكيليين المرحوم جواد الزبيدي، ومن الشعراء حطاب ادهيم الفيصلي، ومن الملحنين كاظم فندي، ومن المطربين سلمان المنكوب وكريم منصور وحريب العمارتلي ، ومن الكتاب الكاتب والأديب عبدالامير المجر، والاعلامي والباحث عبدالكريم الوائلي، وغيرهم لا تسعفني الذاكرة بأسمائهم، فعذراً لمن لم أذكرهم في هذا المقال.
كان المطرب الراحل سلمان المنكوب قريبا جداً من بيتنا، لقد كان والده الحاج غلام يؤذن في جامع المجر الكبير"جامع محمد الحلو"، وكانت والدة سلمان المنكوب "المومنة" تولد النساء في ذلك الوقت، علماً بأن المطرب سلمان المنكوب يحب والديه حد الجنون. وسلمان المنكوب هو واحد من أشهر مطربي العراقي في مدينة العمارة. بعدها انتقل المطرب الى مدينة الثورة "مدينة الصدر حالياً".
ان اسمه كان وما يزال يحمل الكثير من الغموض، وتبرز لنا تساؤلات نجد ظلالاً لأجوبتها في بعض اغانيه، وفي الاغنية التالية، يبدو المكنوب امتداداً لشعراء الجاهلية في وقوفه على الاطلال وآثار الاهل.. وعندما كان يغني المطرب سلمان المكوب تبكي النساء في قضاء المجر الكبير، وذلك لجودة صوته وكلماته المعبرة عن الحزن والفراق كما في اغنيته المشهورة:
(امرنْ بالمنازل.. منازلهم خليه
أكلها وين اهلنا .. تكول اكطعو بيه)
أما الحزن في غنائه فيكاد يكون شاملاً ويرسم لنا صورة لكبرياء جريح لا مجال لشفائه.. لقد سمعته في احدى الحفلات وهو أقرب الى المنولوج الداخلي منه الى الغناء، يغني هذه الأبيات المنسوبة الى الامام علي (عليه السلام):
دع ذكرهن فما لهن وفاءُ
ريح الصبا وعهودهن سواءُ
يكسرن قلبك ثم لا يجبرنه
وقلوبهن من الوفاء خلاءُ
وفي موضوع آخر نتلمس تجربة قاسية يفصح عنها بشهقات تخرج عن الغرض الغنائي، ولا تدع مجالاً للتشكيك بأن المطرب المرحوم سلمان المنكوب يتقيأ ذاته في كل حرف ينطقه مثل:
جنت اشم شعواط منك
وأنه اكولن خوش ريحه
وجنت اضم سرك من أمك
وانت الغيري تبيحه
ولد الفنان المرحوم سلمان المنكوب في محافظة العمارة/ الكميت / وترعرع في قضاء المجر الكبير عام 1931، واسمه الحقيقي سالم بن غلام علي بن شرهان بن سالم من عشيرة "العواشق" البو عامر.بدأ الغناء في شبابه متأثرا بالسيد جثير، ثم نزح الى بغداد واشتغل في البدء "بناءاً" وكان أخو سلمان من اشهر البنائين في قضاء المجر الكبير. وكان يتردد المطرب الراحل سلمان المنكوب على مقهى عبدالأمير الطويرجاوي في علاوي الحلة في الكرخ.. وهناك تعرف على داود زيدان الذي جاء به الى دار الاذاعة عام 1948، وغنى في حينها المطرب الراحل العديد من الاغاني على الهواء.
كان المرحوم المنكوب يجيد كافة الاطوار الريفية، ويمتاز صوته بقوة ومسحة من الوقار، تقربه الى الخطابة، وكان المرحوم المنكوب يكتب الشعر ويلحن معظم أغانيه، برغم ان لون المنكوب من أشد الألوان الريفية "حزناً" الا انه كان المطرب المفضل في حفلات الاعراس.. هذه المفارقة تجرنا الى "الشك" في جدية الفرح لدى ابن الجنوب. ان اللحظات العامرة بالفرح غالباً ما يتم التعبير عنها بشكل مضطرب وجنوني احياناً.. تعطينا فكرة عن حجم الاغتراب التي يعيشها الانسان في الجنوب، والمرحوم المنكوب يمثل برمته هذا الانسان.
لقد غادرنا المرحوم المنكوب الى مثواه الأخيرة.. ولقد ترك لنا تراثا قيما في الاغاني الريفية الجميلة. [right] | |
|
