علي كاظم درجال الربيعي
عدد المساهمات : 1092 تاريخ التسجيل : 07/10/2011 العمر : 75
| موضوع: معلومات عن معركة الجمل الإثنين فبراير 13, 2012 12:19 am | |
| معلومات عن معركة الجمل : ------------------------ سُمِّيت بذلك لأنَّ « قائدة الجيش » فضَّلت ركوب الجمل على البغال والحمير ، وكانت الواقعة في 4 كانون الأوَّل سنة 646م ، يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة 36هـ . وكانت الوقعة خارج البصرة ، عند قصر عبيدالله بن زياد وكان عسكر الإمام عشرين ألفاً ، وعسكر عائشة ثلاثين ألفاً . ولمَّا التقى الجمعان قال الإمام لأصحابه : « لا تبدأوا القوم بقتال ، وإذا قاتلتموهم فلا تجهزوا على جريح ، وإذا هزمتموهم فلا تتَّبعوا مدبراً ، ولا تكشفوا عورة ، ولا تمثِّلوا بقتيل ، وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا ستراً ، ولا تدخلوا داراً ، ولا تأخذوا من أموالهم شيئاً.. ولا تهيجوا امرأةً بأذى وإن شتمن أعراضكم ، وسَبَبنَ أمراءكم وصلحاءكم » . وقيل : إنَّ أوَّل قتيل كان يومئذٍ مسلم الجُهني ، أمره عليٌّ عليه السلام فحمل مصحفاً ، فطاف به على القوم يدعوهم إلى كتاب الله ، فقُتل. ثمَّ أخذ أصحاب الجمل يرمون عسكر الإمام بالنبال ، حتى قُتل منهم جماعة ، فقال أصحاب الإمام : عقرتنا سهامهم ، وهذه القتلى بين يديك.. عند ذلك استرجع الإمام وقال : « اللَّهمَّ اشهد » ، ثُمَّ لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقلَّد سيفه ورفع راية رسول الله السوداء المسمَّاة بالعقاب؛ فدفعها إلى ولده محمَّد بن الحنفية. وتقابل الفريقان للقتال ، فخرج الزبير ، وخرج طلحة بين الصفَّين ، فخرج إليهما عليٌّ ، حتى اختلفت أعناق دوابِّهم ، فقال عليٌّ عليه السلام : « لعمري قد أعددتما سلاحاً وخيلاً ورجالاً إن كنتما أعددتما عند الله عذراً ، فاتَّقيا الله ، ولا تكونا ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أنكَاثاً ) . ألم أكن أخاكما في دينكما ، تُحرِّمان دمي ، وأُحرِّم دمكما ، فهل من حدثٍ أحلَّ لكما دمي » ؟! قال طلحة : ألَّبت على عُثمان. قال عليٌّ : « ( يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقّ ) ، يا طلحة ، تطلب بدم عُثمان ؟! فلعن الله قتلة عُثمان ، يا طلحة ، أجئت بِعرس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقاتل بها ، وخبَّأتَ عرسك في البيت! أما بايعتني ؟! ». قال : بايعتك والسيف على عنقي! فقال عليٌّ عليه السلام للزبير : « يا زبير ، ما أخرجك ؟ قد كنَّا نعدُّك من بني عبدالمطَّلب حتى بلغ ابنك ابن السوء ، ففرَّق بيننا » وذكَّره أشياء ، فقال : « أتذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بني غنم ، فنظر إليَّ ، فضحك ، وضحكت إليه ، فقلتَ له : لا يدع ابن أبي طالب زهوه ، فقال لك : ليس به زهوٌ ، لتقاتلنَّه وأنت ظالم له ؟ ». قال : اللَّهمَّ نعم ، ولو ذكرت ما سرتُ مسيري هذا ، والله لا أُقاتلك أبداً. فانصرف الزبير إلى عائشة ، فقال لها : ما كنتُ في موطن منذ عقلت الا وأنا أعرف فيه أمري ، غير موطني هذا. قالت : فما تريد أن تصنع ؟ قال : أُريد أن أدعهم وأذهب. قال له ابنه عبدالله : جمعت بين هذين الغارين ، حتى إذا حدَّد بعضهم لبعض أردت أن تتركهم وتذهب ؟! لكنَّك خشيت رايات ابن أبي طالب ، وعلمت أنَّها تحملها فتيةٌ أنجاد ، وأنَّ تحتها الموت الأحمر ، فجبنت! فاحفظه ـ أي : أغضبه ـ ذلك ، وقال : إنِّي حلفتُ الا أُقاتله. قال : كفِّر عن يمينك ، وقاتله. فأعتق غلامه ( مكحولاً ) ، وقيل : سرجيس.فقال عبدالرحمن بن سلمان التميميُّ : لم أرَ كاليوم أخا إخوانِ * أعْجَبَ من مُكَفِّرِ الايمانِ بالعتق في معصية الرحمن وقيل : إنَّه عاد ولم يقاتل الإمام عليه السلام . واحتدمت المعركة بين الفريقين ، وتقاتلوا قتالاً لم يشهد تاريخ البصرة أشدَّ منه ، ثُمَّ إنَّ مروان بن الحكم رمى طلحة بسهمٍ وهو يقاتل معه ضدَّ عليٍّ عليه السلام ! يرميه فيرديه ويقول : لا أطلب بثأري بعد اليوم . واستمرَّ الحال في أشدِّ صراعٍ ، لم يرَ سوى الغبرة وتناثر الرؤوس والأيدي ، فتتهاوى أجساد المسلمين على الأرض. ولمَّا رأى الإمام هذا الموقف الرهيب من كلا الطرفين ، وعلم أنَّ المعركة لا تنتهي أبداً مادام الجمل واقفاً على قوائمه قال : « إرشقوا الجمل بالنبل ، واعقروه والا فنيت العرب ، ولايزال السيف قائماً حتى يهوي هذا البعير إلى الأرض ». فقطعوا قوائمه ، ثُمَّ ضربوا عجز الجمل بالسيف ، فهوى إلى الأرض وعجَّ عجيجاً لم يُسمع بأشدِّ منه. فتفرَّق من كان حوله كالجراد المبثوث ، وبقيت قائدة المعركة لوحدها في ميدان الحرب! وانتهت المعركة بهزيمة المتمرِّدين من أصحاب الجمل. أمَّا الإمام عليه السلام فقد هاله موقف المسلمين منه ، حتى ساقهم هذا العصيان والتمرُّد على الحقِّ إلى مثل هذا المصير ، فوقف بين قتلاه وقتلى المتمرِّدين ، تحيط به هالة القلق والتمزُّق فقال : « هذه قريشٌ ، جَدَعْتُ أنفي وشفيتُ نفسي ، لقد تقدَّمت إليكم أُحذِّركم عضَّ السيوف ، وكنتم أحداثاً لا علم لكم بما ترون ، ولكنَّه الحَين ، وسوء المصرع ، فأعوذ بالله من سوء المصرع ثمَّ أمر عليٌّ عليه السلام نفراً أن يحملوا هودج عائشة من بين القتلى ، وأمر أخاها محمَّد بن أبي بكر أن يضرب عليها قُبَّةً ، وقال : « انظر هل وصل إليها شيء من جراحة » ؟ فأدخل رأسه في هودجها ، فقالت : من أنت ؟ قال : أبغض أهلك إليك. قالت : ابن الخثعمية ؟ قال : نعم. قالت : يا بأبي ، الحمد لله الذي عافاك ؟! فلمَّا كان الليل أدخلها أخوها محمَّد بن أبي بكر البصرة ، في دار صفية بنت الحارث ، ثمَّ دخل الإمام عليه السلام البصرة فبايعه أهلها على راياتهم حتى الجرحى والمستأمنة.. ثمَّ جهَّز عليٌّ عليه السلام عائشة بكلِّ ما ينبغي لها من مركبٍ وزادٍ ومتاعٍ وغير ذلك ، وبعث معها كلَّ من نجا ، ممَّن خرج معها ، الا من أحبَّ المقام ، واختار لها أربعين امرأةً من نساء البصرة المعروفات ، وسيَّر معها أخاها محمَّد بن أبي بكر . وقيل : إنَّه لمَّا أُخذ مروان بن الحكم أسيراً يوم الجمل ، فتكلَّم فيه الحسن والحسين عليهما السلام فخلَّى سبيله فقالا له : « يبايعك ، يا أمير المؤمنين ؟ » فقال : « ألم يبايعني بعد قتل عُثمان ، لا حاجة لي في بيعته ، أما إنَّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه ، وهو أبو الأكبش الأربعة ، وستلقى الأُمَّة منه ومن ولده موتاً أحمر ». فكان كما قال عليه السلام . ورُبَّ سائل يسأل : ما هي الآثار التي تركتها فتنة الجمل ؟ فيُجيب الأستاذ محمَّد جواد مغنية بقوله : « لولا حرب الجمل لما كانت حرب صفِّين والنهروان ، ولا مذبحة كربلاء ، ووقعة الحرّة ، ولا رُميت الكعبة المكرَّمة بالمنجنيق أكثر من مرَّة ، ولا كانت الحرب بين الزبيريِّين والأُمويِّين ، ولا بين الأُمويِّين والعباسيِّين ، ولما افترق المسلمون إلى سُنَّة وشيعة ، ولما وجد بينهم جواسيس وعملاء يعملون على التفريق والشتات ، ولما صارت الخلافة الإسلامية ملكاً يتوارثها الصبيان ، ويتلاعب بها الخدم والنسوان. لقد جمعت حرب الجمل جميع الرذائل والنقائص ، لأنَّها السبب لضعف المسلمين وإذلالهم ، واستعبادهم وغصب بلادهم ، فلقد كانت أوَّل فتنةٍ ألقت بأس المسلمين بينهم ، يقتل بعضهم بعضاً ، بعد أن كانوا قوَّةً على أعدائهم ، كما فسحت المجال لما تلاها من الفتن والحروب الداخلية التي أودت بكيان المسلمين ووحدتهم ، ومهَّدت لحكم الترك والديلم والصليبيِّين وغيرهم. وباختصار لولا فتنة الجمل لاجتمع أهل الأرض على الإسلام ، لأنَّ رحمته تشمل الناس أجمعين ( وَمَا أرْسَلْنَاكَ الا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين ) وقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم : « إنَّما أنا رحمة مهداة » » . ------------------------------- _المراجع // ___________ 1) إعلام الورى 1 : 312 ، إرشاد المفيد 1 : 10 ، وانظر الكامل في التاريخ 3 : 258. | |
|