وقفة مع الشاعر الأعشى
--------------------------
هو ميمون بن قيس بن ثعلبة من بكر بن وائل. لقب بالأعشى لأنه كان ضعيف البصر، والأعشى في اللغة هو الذي لا يرى ليلا ويقال له: أعشى قيس والأعشى الأكبر. ويكنى الأعشى: أبا بصير، تفاؤلاً. عاش عمراً طويلاً وأدرك الإسلام ولم يسلم، ولقب بالأعشى لضعف بصره، وعمي في أواخر عمره. مولده ووفاته في قرية منفوحة باليمامة، وفيها داره وبها قبره. وهو من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية، كان كثير الوفود على الملوك من العرب، والفرس، فكثرت الألفاظ الفارسية في شعره. غزير الشعر، يسلك فيه كل مسلك، وليس أحد ممن عرف قبله أكثر شعراً منه. كان يغني بشعره فلقب بصنّاجة العرب، اعتبره أبو الفرج الأصفهاني، كما يقول التبريزي: أحد الأعلام من شعراء الجاهلية وفحولهم، وذهب إلى أنّه تقدّم على سائرهم، ثم استدرك ليقول: ليس ذلك بمُجْمَع عليه لا فيه ولا في غيره. أما حرص المؤرخين على قولهم: أعشى بني قيس، فمردّه عدم اقتصار هذا اللقب عليه دون سواه من الجاهليين والإسلاميين، إذ أحاط هؤلاء الدارسون، وعلى رأسهم الآمدي في المؤتلف والمختلف، بعدد ملحوظ منهم، لقّبوا جميعاً بالأعشى، لعل أبرزهم بعد شاعرنا- أعشى باهلة، عامر ابن الحارث بن رباح، وأعشى بكر بن وائل، وأعشى بني ثعلبة، ربيعة بن يحيى، وأعشى بني ربيعة، عبد الله بن خارجة، وأعشى همدان، وأعشى بني سليم وهو من فحول الشعراء في الجاهلية. وسئل يونس عن أشعر الناس فقال: «امرؤ القيس إذا غضب، والنابغة إذا رهب، وزهير ابن ابي سلمى إذا رغب، والأعشى إذا طرب».
الأعشى هو ميمون بن قيس وقد كان أعمى، أدرك الإسلام وأتى سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم يريد إعلان إسلامه، فالتقى به أبو سفيان وهو ماضٍ في طريقه فاستوقفه وسأله عن وجهته، ولما علم أبو سفيان غرض الأعشى ونيته نبههه قائلا: إن محمداً يحرم عليك الخمر والزنا والقمار. فأجابه الأعشى: فأمّا الزنا فقد تركني وما تركته، وأما الخمر فقد قضيت منها وطراً، وأما القمار فلعلي أصيب منه خلفاً. فقال أبو سفيان: ألا أدلك على خير؟ قال: وما هو؟ قال: إن بيننا وبينه هدنة (يريد صلح الحديبية) فترجع عامك هذا وتأخذ مئة ناقة حمراء، فإن ظهر بعدها أتيته، وإن ظفرنا به أصبت عوضاً من رحلتك. فقال الأعشى: لا أبالي. فأخذه أبو سفيان إلى بيته وجمع له سادة القوم، ثم قال لهم: يا معشر قريش، هذا أعشى قيس، وقد علمتم شعره، ولئن وصل إلى محمد ليضربن عليكم العرب قاطبة بشعره. فجمعوا له مئة ناقة حمراء فأخذها ورجع، فلما كان في اليمامة أوقعه بعيره عن ظهره فمات .....
نموذج لمعلقته
------------------------------------
وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ ** وَهَل تُطيقُ وَداعاً أَيُّها الرَجُلُ
صورة القصيدة
-------------------
والقصة كان الأعشى قد نظم قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقصده كما ذكرنا وقصد المدينة المنورة
وهي من القصائد الرائعة ....
و التي منعه أبو سفيان بن حرب بن امية من الذهاب بها الى حضرة الرسول الاعظم محمد بن عبد ألله ( ص ) مقابل الغنيمة الكبيرة ومستهل القصيدة ::::
---------------------------------------------------
أَلَم تَغتَمِض عَيناكَ لَيلَةَ أَرمَدا *** وَعادَكَ ما عادَ السَليمَ المُسَهَّدا
ومنها:
أَلا أَيُّهَذا السائِلي أَينَ يَمَّمَت ** فَإِنَّ لَها في أَهلِ يَثرِبَ مَوعِدا
فَآلَيتُ لا أَرثي لَها مِن كَلالَةٍ ** وَلا مِن حَفىً حَتّى تَزورَ مُحَمَّدا
مَتى ما تُناخي عِندَ بابِ اِبنِ هاشِمٍ ** تُراحي وَتَلقَي مِن فَواضِلِهِ يَدا
نَبِيٌّ يَرى ما لا تَرَونَ وَذِكرُهُ ** أَغارَ لَعَمري في البِلادِ وَأَنجَدا
لَهُ صَدَقاتٌ ما تُغِبُّ وَنائِلٌ ** وَلَيسَ عَطاءُ اليَومِ مانِعَهُ غَدا
أَجِدَّكَ لَم تَسمَع وَصاةَ مُحَمَّدٍ ** نَبِيِّ الإِلَهِ حينَ أَوصى وَأَشهَدا
إِذا أَنتَ لَم تَرحَل بِزادٍ مِنَ التُقى ** وَلاقَيتَ بَعدَ المَوتِ مَن قَد تَزَوَّدا
نَدِمتَ عَلى أَن لا تَكونَ كَمِثلِهِ ** وَأَنَّكَ لَم تُرصِد لِما كانَ أَرصَدا
فَإِيّاكَ وَالمَيتاتِ لا تَأكُلَنَّها ** وَلا تَأخُذَن سَهماً حَديداً لِتَفصِدا
وَذا النُصُبِ المَنصوبَ لا تَنسُكَنَّهُ ** وَلا تَعبُدِ الأَوثانَ وَاللَهِ فَاِعبُدا
وَصَلَّ عَلى حينِ العَشِيّاتِ وَالضُحى ** وَلا تَحمَدِ الشَيطانَ وَاللَهَ فَاِحمَدا
-----------------------------------------------
.
[center]