االشعر الدارمي الشعبي
-----------------------
لعلَّ الدارمي يُعدُّ من أشهر وأكثر أنواع وتراكيب الشعر الشعبي العراقي ، يتشاطر ذلك مع الأبوذيَّة إن لَمْ يكنْ يفوقها كثرة وشُهرة ،وهو من أجمل وألذّ الأشكال الشعرية فيه ويكثر تداوله فيمناطق الفرات الأوسط وجنوب العراق .
ويرجع تأريخ ظهوره إلى بدايات القرن التاسع عشر للميلاد ، وقيل أنّ عمره أكثر من 150 عاماً ، أي أنه ظهر قبل عام 1850 ميلادية على رأي القائل .
وقد أُختلف في أوّل مَنْ قاله ، فبعض يرى أن أهل واسط هم الذين ابتكروه1 ، ويرى بعض أنْ أول من قال الدارمي إمرأة من النجف الأشرف حين وقف في طريقها رجل أعجبه جمالُها ، فأسمعها كلاماً فاحشاً فأجابته ببيت من الدارمي يقول :::: :
يَمجعَّـدِ الخَدِّيـنْ ولْ ولْ يبو أركبْ
أخْلجك كلش زين من كون إلكْ ربْ
وبعض يقول أن أهل ميسان هم أوّل من نظمه ، والبعض الآخر ينسبه لأهل ذي قار وتحديداً لمدينة سوق السيوخ ، والشائع المشهور أنه عراقي الأصل ، جنوبيُّ النشأة ، وقد نُظم أيضاً في أهواز إيران وشمال الكويت وبعض مناطق شمال شرق السعودية .
ويرى البعض أنه بيت واحد من الشعر له شطران بنفس القافية أي بيت شعريٌّ مُصَرَّع ، ولكن الصواب أنّ الدارمي بيتان من الشعر وليس شطران2، لأنّ وزنه إما أن يكون مجزوءاً أو مشطوراً ، وإنّ تعبير بيت الدارمي لا يعني بالضرورة أنّه بيت واحد ، وإنما يراد به النظم الواحد من هذا الجنس الشعري كما يقال بيت الأبوذيـّة في حين أنه أربعة أبيات أو على الأقلّ بيتين من الشعر .
وقيل: الدارمي قصيدةٌ في بيتٍ ، إذ كل بيت منه بمثابة قصيدة كاملة لكونه تام المعنى ، جزلَ الألفاظ ، قويَّ السبك ، يحمل بلاغة في المعنى وجمالاً في الصورة ، ولا يحتاج إلى بيت آخر ليكمل معناه كما يحدث في أنماط الشعر الشعبي الأخرى .
ويتميز الدارمي أيضاً بـ(الحسـﭽـة) أي المفردة الشعبية الخالصة التي تعطي الشعر الشعبي نكهته الخاصة .
وغالبية الأغاني العراقية القديمة هي عبارة عن مجموعة من الدارميات تُغنّى بلحن وإيقاع معينين ، ويُسميها أهل المقامات بـ(البستات) ، مثل أغنية :
نامت ﮔلوبِ النـاسْ ﮔلبـي اشْينَيمـهْ
مِتْعَلْيـَه وتْشُوفيـنْ عونـِﭻْ يَنَيْمـهْ
-----------------------------------
[center]