(( فلسفة الزلازل بين النظرية العلمية والمشرع الديني ))
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][ندعوك
للتسجيل في المنتدى أو
التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] " border="0" alt=""/>
يشهد عالمنا اليوم العشرات من الآيات الكونية الإلهية الحقة والتي أذهلت عقول البشرية كافة وجعلتها في دوامة من البحث والتفكير المستمر لحل هذه الظواهر الربانية ,ومن هذه الحوادث المستمرة في عالمنا المعاصر, تبرز حوادث البراكين, والفيضانات, والحرائق ,والزلازل, والكسوف ,والخسوف وغيرها من ظواهر, أربكت حسابات الفلكيين والجيولوجيين, وجعلتهم في حيرة بادية وقصور تام, عن معرفة أسرار هذا الكون العجيب!!! إن المتأمل لهذه الحوادث المخيفة سيقف أمام حقائق راسخة , تولد استفاهمات كثيرة وأسئلة محيرة أمام هذه الظواهر الكثيرة !!!!!!! ولعل بروز ثورة البراكين والزلازل هي الثورة الجديدة في عالمنا المعاصر وبالخصوص ظاهرة كثرة ( الزلازل ) في بقاع العالم المتفرقة, مما يطرح لدينا سؤالا مهما مفاده هل العلم الطبيعي قادر على معرفة الأسباب الواقعية لهذه الظواهر وتشخيصها تشخيصا دقيقا؟ والإجابة على هذا التساؤل تجعلنا نقف أمام أطروحة تنفتح على نقاط ثلاث:-
النقطة الأولى / ماهي حقيقة الزلازل وفق النظرية العلمية للجيولوجيين ومناقشتها علميا؟.
النقطة الثانية / ماهي فلسفة الزلازل وفق الحكمة الإلهية ؟ وهل هي في مصلحة البشرية أم لا ؟
النقطة الثالثة / الزلازل وفق المنظور الروائي عند أهل البيت عليهم السلام.
(النظرية العلمية)
وهي الأسباب العلمية الطبيعية للزلازل .وتوعز النظرية العلمية في طرح أهم أسباب حدوث الزلازل إلى عوامل أهمها الحرارة الباطنية في جوف الأرض , وعوامل تساعد على حدوث ( الزلازل), والنظرية العلمية قابلة للمناقشة والتأمل ,وهنا نطرح ما استدركه الشهيد السيد محمد الصدر في تسأ ولاته حول النظرية العلمية للزلازل قائلا( يوعز سبب الزلزلة إلى الحرارة الباطنية في جوف الأرض, فإنها تسبب البراكين من ناحية والزلازل من ناحية ( ولها نتائج
أخرى منها تبخيرها لمياه البحار, فان مياهها تغور إلى الأرض الحارة والصخور المشتعلة .فتنعكس مرة أخرى عائدة إلى الأعلى نتيجة لهذه الحرارة, والمهم ألان الحديث عن الزلازل
وهي على عدة مستويات في حركاتها, حتى أنها قسمت في مقياس ( رختر) إلى تسع أقسام, وقسم كل منها عشر أقسام, فهذه تسعون قسما للزلزلة,وقد يكون القسم الضعيف جدا منها لا يكاد يكون محسوسا, واخطر ما في الزلزلة هو حصولها في المدن, حيث تتهدم البيوت عليهم أو يقيض النهر إذا كان مجاورا, فيؤدي إلى الموت والخراب,وأما إذا حصلت الزلزلة في الصحراء أو وسط المحيط مثلا, فقد لا يحس بها احد, ولا يذهب فيها أي تلف, والعلم إلى الآن عاجز عن التنبؤ بوقوع الزلزلة, مما يؤدي إلى مفاجأة المدن بها, وعدم أمكان تلافي شرها ومضاعفاتها قبل وقوعها, ومن ا لواضح على وجه الأرض أن بعض المناطق منه أكثر تعرضا للزلزلة من غيرهم إلى حد أصبح اليابانيون وهم من أكثر المناطق تعرضا لها فيما نعرف,يبنون بيوتهم من الورق أو الخشب الخفيف ونحو ذلك. لأنهم يعلمون بوقوع الزلزلة يوما وبتكررها أيضا,فان حدث أن أنهدم البيت أو تصدع فانه لا يتلف تماما, كما انه لا يكون سببا لقتل الحيوان والإنسان,هذا ولكن العلم) لم يحدد الزلزلة في مكان دون مكان وفي زمان دون زمان, مع العلم أن الحرارة الباطنية مشتركة الحصول على وجه الكرة الأرضية كله, وقد يجاب بأن القشرة الخارجية الباردة لوجه الأرض تكون في بعض المناطق أخف سمكا أو اقل تماسكا من بعضها الآخر , الأمر الذي يؤدي إلى كثرة الزلازل وهذا يجاب بأمرين.
الأول / إن ضعف القشرة الأرضية أمر ثابت للمنطقة باستمرار وهذا يعني حصول زلزلة مستمرة مدى الدهر!! فلماذا تحصل الزلزلة وتتوقف, ولعل أطول زلزلة في التاريخ المعروف لم تستمر أكثر من بضع دقائق كاثنين أو ثلاثة.
الثاني / ان حصول الزلزلة ليس فقط لضعف القشرة بل لضعفها تجاه الحرارة التي تحتها, فتوحي النسبة بين الأمرين ضروري فكلما كانتا نسبة القشرة إلى الحرارة اقل مما ينبغي,حصلت الزلزلة وهذا يعني عادة حصول الزلزلة في كل مناطق العالم بحيث لايوجد في المدى المنظور من
التاريخ منطقة لم تضربها الزلزلة على الإطلاق و ولكن هذا بعيد بل موثوق العدم بالنسبة إلى العديد من مناطق العالم والبلدان.
هنا تعود بعض التساؤلات إلى فكرة التسبيب إلى الزلزلة أصلا :-
أولا / ما الذي يحدث للحرارة ان تهيج ثم تخمد , فتحدث من هياجها البراكين والزلازل ومن خمودها. وتوقف البراكين بعد النفث واضح لان الحرارة الباطنية تخفف نوعا ما فيتوقف البركان, بخلاف الزلزلة فإنها لاتسبب هدوء الحرارة أو قلتها فلماذا تهدأ ؟ وعلى أي حال لم يدل العلم بدلوه بهذا الصدد ولعله جاهل بل عاجز عن المعرفة.
ثانيا/ ما الذي يحدو بالحرارة ان تتحرك أو تتوهج قليلا فتحصل زلزلة ضعيفة ,أو أكثر فتحصل زلزلة قوية ؟؟
ثالثا /ان مقتضى التصور الواضح ذهنيا أن تتصاعد الحرارة تدريجيا وان تخمد تدريجيا,واثر ذلك واضح في الزلزلة. فينبغي أن تبدأ ضعيفة ثم تشتد ثم تضعف إلى أن تزول مع العلم أن هذا لم يسجل تاريخيا.
رابعا/ ان حركة القشرة الأرضية في الزلزلة هل هو عمودي أو أفقي. سيجيب ( العلم) بأنه عمودي أي ان الأرض ترتفع ثم تنخفض مرة أو مرات نتيجة لارتجافها من الضغط الحراري الباطني. إلا ان هذا لخلاف الوجدان , فأن الناس لايحسون بالارتفاع والانخفاض أطلاقا, بل يحسون بالحركة الأفقية أو العرضية وجدانا، وهو السبب في تسميتها بالزلزلة , لأنهم يجدونها تتزلزل يعني تذهب يمينا وشمالا نسبيا, وإذا تم ذلك , يتوجه هنا سؤالان رئيسيان :
أولا /ما الذي يكون سببا لهذه الحركة؟ ليس هو الحرارة لان الحرارة تدفع إلى الأعلى وليس إلى احد الجانبين.
ثانيا/ انه ليس حول الأرض المتزلزلة فراغ تتحرك فيه , فكيف تتحرك مع انضغاطها بالأرض المجاورة من جميع الجهات وعلى أي حال , فالعلم الطبيعي الحديث لم يجب على هذه الأسئلة
, وليس من المتوقع أن يجيب في المدى المنظور لا من تأريخ المستقبل , فإنها جميعا أو غالبا خارجة عن اختصاصه ويجدها محالا من وجهة نظره(1).
وعلى أي حال فالعلم الطبيعي يبقى جاهلا أمام فلسفة هذه الظواهر المحيرة والتي تولد لنا القناعة التامة بان ما يحدث ويحدث وراءه قوة عاقلة تدرك المصالح الواقعية لمال تريد(2)!!!!!
((الزلازل وفق الحكمة الإلهية؟ وهل هي في مصلحة البشرية)) ؟
ان حدوث(الزلازل) لابد من وجود حكمة إلهية فيها ولاتكون عملية حدوثها إلا وفق القوانين الإلهية العادلة, والجواب على حدوثها ووقوعها يكون بعدة نقاط-
أولا / إن الله تعالى يريد ان ينبه عباده عن الغفلة ويحب منهم التوبة والتذكير والالتجاء إليه سبحانه عن طريق صنع مثل هذه الحوادث النادرة في الكون نسبيا( 3).
ثانيا/ إن الله تعالى يريد ان ينبه الناس على ذنوبهم وعيوبهم فان حدثت هذه الآيات الكونية المفزعة عبارة عن نقصان الطاعة والعبادات وقلة الإيمان(4) .
أي أن الله تعالى اوجد الرحمة والغضب فيريد من عباده تعالى إليه ويطلبوا الرحمة منه تعالى ولعل هذا الغضب الإلهي هو رحمة استغفارية للعباد منه تعالى ,أما الضرر الحاصل من هذه الحوادث وان كان ماديا أو اقتصاديا فهو يبقى خيرا شئنا أم أبينا مادمنا نعترف بان كل الموجودات في الكون تحت سيطرته المطلقة وان المشرع الإلهي لايفعل شيئا ألا وفق حكمة متناهية!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ماوراء الفقه/ الجزء الأول/ الشهيد السيد محمد الصدر.
(2) عرضنا هذه الآراء على أحد الأساتذة المختصين الجيولوجيين ,فأصيب بالذهول للإشكالات التي طرحها السيد الشهيد ,وقال إن الإشكالات تامة وتحتاج إلى وضعها على طاولة النقاش العلمي, واطلاع الاختصاصين عليها, فقلنا له : هذا ليس بشيء جديد ,على من فند أراء النظرية النسبية, وتكلم عن الجاذبية, وحدد القبلة في السماء , واثبت أن للقمر صورة,ولا يسع المجال لذكرها ويكفينا ماوراء الفقه!!
(3)فقه الأخلاق/ السيد محمد الصدر
(4) فقه الأخلاق /السيد محمد الصدر
((الزلازل وفق المنظور الروائي عند أهل البيت عليهم السلام)).
تؤكد جملة من الروايات الواردة عن بيت العصمة (ع) إن سبب الآيات المخيفة يعود أساسا إلى أمور ترتكبها البشرية, وتنتشر في أنحاء العالم كافة,مما يجعل الله تعالى هذه الآيات الربانية علامات تحذيرية للعبر والدروس وهو ما ذكره الأئمة المعصومون (ع) ومنها :
عن سليمان الدليمي قال : سالت أبا عبد الله (ع) عن الزلزلة ماهي :قال ( أية)قلت وما سببها قال: إن الله تعالى وكل بعروق الأرض ملكا فإذا أراد أن يزلزل أرضا أوحى إلى ذلك الملك أن حرك الأرض كذا وكذا ,قال فيحرك ذلك الملك عروق تلك الأرض التي أمر الله فتتحرك بأهلها(1)
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال: إذا فشت أربعة ظهرت أربعة إذا فشا الزنا كثرت الزلازل ، وإذا أُمسكت الزكاة هلكت الماشية، وإذا جار الحكّام في القضاء أمسك القطر من السماء ، وإذا خفرت الذمّة نصر المشركون على المسلمين(2) . وعن علي بن مزهيار قال : كتبت إلى أبي جعفر (ع) وشكوت إليه كثرة الزلازل في الأهواز,ترى لنا التحول عنها ,فكتب لا تتحولوا عنها ,وصوموا الأربعاء والخميس والجمعة, واغتسلوا وطهروا ثيابكم وابرزوا يوم الجمعة, وادعوا الله فانه يرفع عنكم.قال ففعلنا فسكنت الزلازل وقال: ومن كان منكم مذنب فيتوب إلى الله سبحانه وتعالى(3).
وهنا لابد من وقفة حيث أشار الإمام (ع) إلى أمر ضروري ومهم ألا وهو العلة في حدوث الزلازل هو ارتباط وثيق بذنوب العباد التي ملئت الكرة الأرضية جمعاء !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) علل الشرائع الشيخ الصدوق (2) بحار الأنوار الجزء 96
(3) علل الشرائع الشيخ الصدوق
وعن رسول الله( ص واله) قال :أذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة حل بهم البلاء, إذا كان الفيء مغنما’ والصدقة مغرما, وأطاع الرجل امرأة, وعصى أمه, وبر صديقه, وجفا أباه ,وارتفعت الأصوات في المساجد ,وأكرم الرجل مخافة شره,وكان زعيم القوم أرذلهم, ولبس الحرير, واتخذوا الفتيات والمعازف, وشربوا الخمر, وكثر الزنا ,فارتقبوا عن ذلك ريحا حمراء, وخسفا ومسخا, وظهر العدو عليكم ثم لاتنصرون( 1 ) ولله در أمير البيان الإمام علي بن أبي طالب (ع) القائل :-
يأتي على الناس زمان ترتفع فيه الفاحشة وتنتهك فيه المحارم ويعلن فيه الزنا ويستحل فيها أموال اليتامى ويؤكل فيه الربا ويطفف في المكاييل والموازين ويستحل الخمر بالنبيذ والرشوة بالهدية والخيانة بالأمانة ويتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ويستخف بحدود الصلاة ويحج فيه لغير الله فإذا كان ذلك الزمان انتفخت ا لأهلة حتى يرى هلال ليلتين وخفيت تارة حتى يفطر شهر رمضان في أوله ويصام العيد في آخره فالحذر الحذر حينئذ من اخذ الله على غفلة فان من وراء ذلك الموت ذريع يختطف الناس اختطافا حتى أن الرجل ليصبح سالما ويمسي دفينا ويمسى حيا ويصبح ميتا فإذا كان ذلك الزمان وجب التقدم في الوصية قبل نزول البلية فمن بلغ ذلك ا لزمان فلا يبتن إلا على طهر وان قدر أن لايكون في جميع أحواله ألا طاهرا فليفعل فانه على وجل لايدري متى يأتيه رسول الله لقبض روحه (2)
أقول/ إن عالم اليوم المتوحش الذي سادت فيه الحضارة المادية بكل صورها وزبرجها, وحولته إلى وحش كاسر همه الأول ملئ الأرض بالفساد و الجور ومحاربة القيم والأخلاق النبيلة علنا , وتحول العالم إلى معسكرين الأول ينشر الرذيلة بكل أبعادها وصنوفها وغايته تهديم القيم والعدل ومحاربة الطيبين, والثاني يحاول إرجاع العباد إلى الله تعالى وقوانينه الإلهية الحقة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وسائل الشيعة الجزء 96
(25) بحار الأنوار الجزء 96
الناظرة إلى خير البشرية جمعاء ومحاربة الرذيلة حتى لايتتكرر البلاء الإلهي,إلا إن الناظر يرى أن المعسكر الأول جعل البشرية عبارة عن مستنقعات بشرية للهو والمرح وإتيان الذنوب وارتكاب الفواحش التي ما انزل الله بها من سلطان ناهيك عن الظلم الذي يمارس في كل إنحاء
الكرة الأرضية ليجعل عالم اليوم سجنا كبيرا ويحارب القيم الإلهية السمحاء!! فماذا نتوقع بإعمالنا هذه؟؟ وهل نحن متعظون من الآيات الإلهية الحقة؟؟ قال تعالى (وان يروا أية يعرضوا عنها ويقولوا سحر مستمر) (1)
(الخلاصة في ما استنتجتاه)
1-إن اغلب النظريات العلمية في تفسير الظواهر تعتمد على مبدأ الأدلة الاحتمالية وليست الواقعية.
2- لاتوجد أراء ثابتة للعلم الحديث في تفسير الظواهر وآراؤه قابلة للتغير والتبديل وفق الظروف الزمانية والمكانية.
3- إن ظاهرة الزلازل هي آيات كونية إلهية لايمكن تجاهلها ولها أبعاد وغايات في الحكمة الربانية.
4 - إن النظام الكوني موجود وفق مسار دقيق وما يصدر منه من آيات مخوفة تمثل منعطفا لإيقاظ البشرية.
5- إن السبب الرئيسي للزلازل مرتبط بفعل البشرية نفسها لان ذنوب العباد هي بلاء واستقامتهم هي هداية قال تعالى( ولو أن أهل القرى امنوا لفتحنا عليهم بركات السماء) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الآية (2 ) سورة ( القمر )